بقلم / د. أيمن نور .. يا شرفاء مصر أوقفوا هذا المزاد


..هل ماتت الضمائر إلى هذا الحد ؟! هل تجاوز الفساد كل حد ؟! إلى هذا الحد ؟!

..هل أصبحت الدولة "الرخوة" نهباً سهلاً ، لأصحاب الصوالح الخاصة ، المتوحمين على حقوق الناس ؟!

..هل ولى زمن الخجل ؟! أرجوكم .. لا تستهينوا بالسؤال !! ولا تختزلوا الإجابة فى عبارة "طبعاً" !! فالأمر يصيب المرء بالدوار وإن شئتم الدقة – بالغثيان ، والدهشة إيذاء هذا الإجتراء المفجع ، والتواطؤ ، والصمت المريب !! والإستهانة التى تبلغ حد الأزدراء للرأى العام !!

.صدق أو لا تصدق ، أن الدولة تهدم مستوطفاً وحيداً ، فى منطقة معدمة من الخدمات الصحية ، لتبنى محلة مستشفى ، فتماطل فى البناء ، وفجأة تبيع الأرض لمستثمرين لبناء أبراج تجارية ، على أخر قطعة أرض متاحة فى هذة المنطقة !! مهدرة كل الأموال التى أنفقت منها ومن غيرها فى الهدم والرسوم والأجهزة !!

..المشهد والتفاصيل ، تكشف عن فساد من العيار الثقيل ، فالأرض التى كانت مستوصفاً وحيداً تابعاً لوزارة الصحة بشارع بورسعيد بباب الشعرية مؤجرة من وزارة الأوقاف لوزارة الصحة ، لإستخدامها فى مجال تقديم الخدمات الصحية .. ولا سبيل لقيام وزارة الأوقاف بعمل مزاد لبيع هذة الأرض إلا إذا كانت وزارة الصحة تنازلت عن حقها فى الإنتفاع بهذة الإرض تمهيداً وتسهيلاً لبيعها لبعض أصحاب النفوذ والحصانة ممن إحتكروا فى السنوات الأخيرة شراء الأراضى فى هذة المنطقة خاصة المملوكة للأوقاف الإسلامية ، وأراضى الطائفة اليهودية ، والتى كشفت عمليات بيعها (لذات المجموعة) جرائم خطيرة ، مازالت معروضة على القضاء !!

..السؤال بوضوح تام هو : هل تنازل وزير الصحة عن حق وزارتة فى إستغلال الأرض لصالح أو بضغط من هذة المجموعة ؟! مهدراً أموال الدولة ، والتبرعات التى تقدمنا بها لمشروع المستشفى وتكاليف الهدم والرسوم الهندسية والأساسات وغيرها !!

..أم أن وزارة الأوقاف غافلت وزارة الصحة وإستولت على الأرض المخصصة لمشروع صحى حكومى لتقدم الأرض لهؤلاء المستثمرين من أصحاب النفوذ والطول ليحققوا مكاسب وأرباح على حساب مصلحة الناس وإحتياجهم لهذا الصرح الصحى "الوحيد" التابع لوزارة الصحة فى هذا المنطقة ؟!

..أين محافظة القاهرة ، التى حضر محافظها معنا إحتفالاً أتمناة بوضع حجر أساس هذة المستشفى فى حضور الوزير إسماعيل سلام وزير الصحة ؟! كيف أمكن إغماص عيون الحى والمحافظة التى تضيعا سنوات نقدم لها الأوراق والمستندات والعقود للحصول على تصريح هدم المستوصف ورخصة بناءالمستشفى التى لم تبنى (لأسباب مفهومة) لكن أن تسرق أرضها فهذا هو الأمر غير المفهوم أو المقبول مهما كان حجم الفساد والتواطؤ ؟!!

..أين نواب الدائرة ؟ وأعضاء مجالسها المحلية ؟ وقياداتها السياسية ؟ أين الجهات الرقابية ؟!! من ذلك المزاد الذى يحرض أرض مخصصة للإنتفاع بها كمنفعة عامة ، والمزاد يبعها لتجار الأراضى وأصحاب مشاريع الأبراج الفاخرة التى إلتهمت بطرق – مشروعة وغير مشروعة – كل أراضى هذة المنطقة المنكوبة بتحالف الفساد والإستبداد والنفوذ المالى والسياسى !!

..هل بلغ الأمر لحد التوحم على أرض وحيدة ، ويتيمة ، مخصصة لمستشفى "علاجى" وحيد يتبع وزارة الصحة حيث تخلوا هذة المنطقة الفقيرة وكثيفة السكان إلا من مستشفى وحيد "تعليمى" يتبع الأزهر هو مستشفى "سيد جلال" !! وكلنا يعلم الطبيعة الخاصة للمستشفى"التعليمى" والفارق بينة وبين المؤسسة العلاجية التى تتبع الوزارة المعنية بالصحة والعلاج قبل التعليم ..

.قصة هذة الأرض المسلوبة ، بدأت عندما طلبت كنائب عن منطقة باب الشعرية والموسكى من وزير الصحة الأسبق إسماعيل سلام إنشاء مستشفى علاجى لخدمة قرابة مليون نسمة خارج خريطة وزارة الصحة ، ولم نجد حلاً نظراً لندرة الأرض بهذة المنطقة سوى هدم المستوصف المتواضع الذى يتوسط أرض كبيرة بشارع بورسعيد وإقامة المستشفى المنشود بدلا منة ..

.قضيتنا سنوات نبذل جهوداً مختلفة للحصول على رخصة الهدم , ثم البناء كان أبرزها فى مواجهة إصدار المحافظة على أن نثبت أن المستوصف ليس أثراً ؟!! ثم إصرارها مرة أخرى على تحرير عقد إيجار جديد للأرض من الأوقاف لصالح وزارة الصحة ، وهو ما إقتضى أن نسدد تراكمات الإيجارات القديمة ، وبعد تحرير العقد الجديد ، وقبل الهدم طلبت منى وزارة الصحة توفير بدائل بالجهود الذاتية للمستوصف ووحدة الإسعاف الملحقة بة ، والتى تمت بإعارة وزارة الصحة مكتبى بمنطقة "علوة فارس" كمقر مؤقت - وللأن – للإسعاف ، كما أسست مستوصف "مجانى" لسد الفراغ !!

..فطلبت وزارة الصحة أن نتبرع بجهاز أشعة مقطعية فقمنا بتسديد جانب من ثمنة الضخم للشركة المنفذة فى هذا الوقت والتى قامت بالهدم ، ثم أسند المشروع لشركة وادى النيل الحكومية التى أنفقت من أموال الدولة لإستكمال أعمال الهدم ،والفحر ، ثم أنفقت على الرسوم الهندسية والإنشائية التى أعدها مكتب من أكبر المكاتب الهندسية

.وعندما إشتد غضب النظام على شخصى ، توقف العمل بالمشروع ، وتعللت وزارة الصحة بضعف الموارد فزرت مؤسسة "كتاليست" المعنية بتمويل مشروعات الصحة فى مصر وتوصلنا حلول إلا أن أحداً لم يشرع فى إنهاء المشروع لأسباب مفهومة !! ويبقى غير المفهوم ، هو عرض الأرض فى مزاد علنى وإضاعة كل ما أنفق من أموال الدولة ، لأرضاء حفنة من أصحاب النفوذ ...

.فلنقل جميعاً .. أوقفوا هذا المزاد ..وكفى فساداً ..
(وللحديث بقية) .. شاركونى ..